Résumé de section
-
المحاضرة الأولى : مفاهيم عامة حول الإستراتيجية
المبحث الأول: الإستراتيجية وتطورها التاريخي.
يصعب على الكثير منا تحديد مفهوم دقيق للإستراتيجية، وقد نستخدم لفظ إستراتيجية عفويا للتعبير عن أشياء قد لا تعنيها فعلا، لهذا سنحاول فك الغموض الذي يكتنف هذا المصطلح من خلال هذا المبحث والمباحث اللاحقة.
المطلب الأول: مفهوم الإستراتيجية.
لقد مر مفهوم الإستراتيجية بعدة مراحل منذ نشوئه الذي كان في المجال العسكري، إلى أن انتقل إلى مجال التسيير والإدارة، وحتى عصرنا الحالي عصر العولمة.
الفرع الأول: الإستراتيجية في المجال العسكري.
يعتبر المجال العسكري الموطن الفعلي للفظ الإستراتيجية، حيث كان أول مجال تستخدم فيه كلمة إستراتيجية، هذه الأخيرة مشتقة من كلمة STRATEGOS)) ، والتي تعني فن قيادة القوات، وساد هذا المفهوم لمدة طويلة، وبالتالي اعتبرت الإستراتيجية مجرد فن يمارسه القادة الموهوبون عن حدس وعبقرية، و أنه ليس لها قواعد ونظريات علمية، إلى أن أصبحت الحروب مخططة، فجاء الكاتب العسكري البريطاني ليدل هارن فعرفها أنها " فن توزيع واستخدام مختلف الوسائل العسكرية، لتحقيق هدف السياسة "[1]، حيث يرى بأن الهدف ليس هو الانتصار في المعركة، بل الهدف هو البحث عن وضع إستراتيجي ملائم، حيث إذا لم يؤدي إلى النصر فإنه يخلق ظروفا ملائمة لمعركة تأتي بعدها وتنزع النصر حتما. وقد قدم كلوز ويت كارل Clause witz Carl 1780- 1830 تعريفه للإستراتيجية بأنها: " فن استخدام المعارك كوسيلة لتحقيق أهداف الحرب[2]
كما قدم ماو تسي تونغ مفهومه للإستراتيجية " حيثما كانت الحرب يوجد وضع كلي للحرب، وأن دراسة القوانين الموجهة للحرب والتي تتحكم في وضع الحرب الكلي هي مهمة علم الإستراتيجية ".[3]
وبالتالي ارتبط مفهوم الإستراتيجية بشكل كبير بالخطط المستخدمة لإدارة قوى الحرب، ووضع الخطط العامة في المعارك، هذا بالنسبة للمجال والميدان الذي أنشئت فيه، حيث لم تبق حكرا على هذا الميدان، فانتقلت إلى مجال الإدارة والتسيير الذي أخذ هذا المفهوم بكل ما يعنيه في مجال نشوئه، حيث كان هذا جليا من خلال الإستراتيجيات العسكرية كالهجوم، الالتفاف والمحاصرة التي استخدمتها كبريات الشركات في المجال الاقتصادي.
الفرع الثاني: الإستراتيجية في مجال إدارة الأعمال.
بعد الحرب العالمية الثانية تم انتقال مفهوم الإستراتيجية إلى مجال الإدارة والتسيير، فكان العالمين فون نيومان ومورجنتسن هما الرائدان في استخدام هذا المفهوم في مجال إدارة الأعمال، حيث أكدا أن المنظمة تكون استراتيجية، إذا تحركت لمواجهة المواقف المتغيرة الذي هي فيه[4]، ثم توالت الكتابات حول الإستراتيجية، وأخذت حيزا كبيرا من اهتمام علماء الإدارة و الاقتصاد, وسوف نورد بعض اهم تعاريف الإستراتيجية :
يرى دراكرDRUKERأن الإستراتيجية هي" تحليل الموقف الحاضر وتغييره إذا تطلب الأمر ذلك، ويدخل في ذلك تحديد ماهية ومقدار الموارد الأولية الأزمة " [5].
ويعرفها ايغور اينسوف I.INSOF بأنها " قيادة تغييرات العلاقة بين المؤسسة ومحيطها، وكذا حدود هذا النظام مع مالا ينتمي إليه "[6].
كما يعرفها ثيتار E.A.THIETERT بأنها " مجموعة القرارات والأفعال المتعلقة باختيار الوسائل والموارد لتحقيق الأهداف "[7]. وعرض "شاندلر 1962 Chandler" مفهومه للإستراتيجية كما يلي : " الإستراتيجية هي تحديد الغايات الأساسية طويلة الأمد للمنظمة, واختيار خطط العمل, وتخصيص الموارد الضرورية لتحقيق هذه الغايات"[8]
و يعرفها سكولز وجونسون H.SCHOLES G.JOHNSON على أنها " مجموع التوجيهات المتعلقة بأنشطة المنظمة في المدى الطويل، بهدف الحصول على ميزة تنافسية انطلاقا من تعبئة الموارد في محيط متغير ، بهدف تلبية احتياجات السوق ورغبات مختلف الأطراف الفاعلة في المنظمة "[9].
لو نظرنا إلى هذه التعاريف نجد أن كل تعريف ينظر للإستراتيجية من جهة مختلفة، فمثلا دراكر يركز أكثر على المحيط دون أن يحدد عناصر هذا المحيط بدقة، فيما أن تيتار ركزعلى الجوانب الاجتماعية، ويرى بأن السياق الاجتماعي هو أبرز متغيرات المحيط، أما سكولز وجونسون فيضيفان الأطراف الفاعلة في المؤسسة، والتوفيق بين أصحاب المصالح في الشركة هو احد اكبر اهتمامات الإستراتيجية.
وتعددت التعاريف للإستراتيجية، وسنحاول في الجداول التالية عرض أكثر التعاريف التي تعرضت لها الاستراتيجية.
الجدول رقم 01:المرحلة المبكرة لتحديد مفهوم الاستراتيجية.
الباحث
المفهوم
VON NEUMANN ET MORGENSTER
1947
سلسلة من التصرفات التي تقوم بها المنظمة، والتي تتقرر بناءا على الموقف المعين.
DRUCKER.1954
تحليل الموقف الحاضر وتغييره إذا تطلب الأمر، ويدخل في ذلك تحديد ماهية ومقدار الموارد.
CHANDLER. 1962
تحديد الغايات الأساسية طويلة الأمد للمنظمة،وتبني طرف التصرف وتخصيص الموارد الضرورية لتحقيق هذه الغايات.
ANSOFF.1965
قاعدة اتخاذ القرارات وتجديد تشكيلة المنتجات والأسواق، واتجاه النمو والخبرة التنافسية،
وأثر العولمة.
CANNON .1968
القرارات الموجهة للتصرف التي تحتاجها المنظمة تنافسيا لتحقيق أغراضها.
المصدر: كاظم نزار الركابي ، مرجع يابق، ص34
الجدول رقم02: مرحلة بلورة مفهوم الاستراتيجية .
الباحث والمصدر
المفهوم
ANDREUS .1969
نمط الأهداف والغايات والأغراض والسياسات الرئيسية،والخطط لتحقيق هذه الغايات مصاغة بطريقة لتحديد نشاط الأعمال،الذي تراد له المنظمة،أو ستزاوله في المستقبل،ولتحديد نوعية المنظمة حاليا،أو ما ستكون عليه في المستقبل.
NEUMAN ET LOGAN .1971
عبارة عن الخطة المتطلعة للمستقبل التي تتوقع التغيير وتنشئ التصرف اللازم لانتهاز الفرص المتضمنة في مهمة المنظمة .
SCHENDEL ET HATTEN1979
الاستراتيجية هي الغايات الأساسية وأهداف التنظيم،وبرامج التصرف الرئيسية المختارة،لتحقيق هذه الغايات والأهداف والنمط الرئيسي لتخصيص الموارد المستخدمة لربط التنظيم ببيئته.
VYERHHOVEN ET AL 1973
توفر الاستراتيجية كلا من التوجه والتماسك للمشروع،وتتألف من عدة خطوات: ملخص استراتيجي،وتنبؤ استراتيجي،ومراجعة الموارد،والبدائل الإستراتيجية،واختبار الملاءمة،والاختبار الاستراتيجي.
ACHOFF.1974
تختص الاستراتيجية بالأهداف طويلة الأمد، وطرق تحقيقها التي تؤثر في النظام ككل.
المصدر: كاظم نزار الركابي،مرجع سابق،ص35
الجدول رقم 3: مرحلة النضج لتحديد مفهوم الاستراتيجية.
الباحث والمصدر
المفهوم
MC CARTHY ET AL.1975
تحليل البيئة واختيار البدائل الاقتصادية التي توفق بين موارد المنظمة وأهدافها عند مستوى خطورة ، يبرره الربح وإمكانية تحقيق البدائل نفسها.
PAIMS NAEMES1975
نشاط أو نماذج رئيسة معينة،لتحقيق أهداف مشتركة.
CLUECH.1976
خطة موحدة وشاملة،ومتكاملة مصممة لضمان تحقيق أهداف المنظمة الأساسية.
MCNICHOLAS .1977
تنغمس الإستراتيجية في صياغة السياسة،أنها تؤلف سلسلة من القرارات التي تعكس التصميم على أهداف العمل الرئيسية، والاستفادة من المهارات والموارد لتحقيق هذه الأهداف.
STEINER ET MINER.1979
تلاحم مهمة المنظمة ،ووضع أهداف التنظيم في ضوء القوى الداخلية، وصياغة السياسات المحددة لتحقيق الأهداف، وتأمين تطبيق ملائم لتحقيق أغراض وأهداف التنظيم.
MINTZBERG1979
قوة وسيطة بين التنظيم والبيئة، أنماط متلائمة في خضم القرارات التنظيمية التي تتعلق بالبيئة.
SCHEUDL ET HOFER1979
التلميح الموجه للتنظيم الذي يسمح له بتحقيق أهدافه، بينما يستجيب للفرص والمخاطر في بيئته.
GLUECK:1980
خطة موحدة شاملة تربط بين المزايا الاستراتيجية للمنظمة، ومع تحديات البيئة وهي مصممة لضمان تحقيق أهداف المنظمة.
BRANTT:1980
بيان ملخص لكيفية السعي نحو الأهداف.
THONAS:1988
خطط وأنشطة المنظمة التي يتم وضعها بطريقة تضمن خلق درجة من التطابق بين رسالة المنظمة وأهدافها، وبين هذه الرسالة وبيئتها بصورة فعالة.
HENDERSON:1989
بحث مدروس متأن لحطة عمل تؤدي إلى تطوير الميزة التنافسية للمنظمة وتضاعفها.
BOUMAN1990
إطار يحدد أهداف المنظمة في مجال تحديد الأسعار،والتميز بالمنتجات أو الخدمات، بحيث تتمكن المنظمة من بناء مركزها التنافسي، ومواجهة قوى التحليل الهيكلي المتمثلة بالمنافسين والمشترين، وتهديدات الدخول.
PORTER1980-1985-1990-1997
إن لكل منظمة استراتيجية تنافسية شاملة،هي خليط للأهداف الموضوعة من قبل المنظمة، ووسائل تحقيقها.
المصدر: كاظم نزار الركابي, مرجع سابق, ص ص36-37.
يبين لنا هذا الجدول مفهوم الاستراتيجية لدى الكثير من المهتمين، ويعطي لنا نظرة حول تطور المفهوم منذ نشأته إلى الآن، كما قسم لنا الكاتب كاظم الركابي هذا الجدول إلى ثلاثة أقسام، معبرا على أن مفهوم الاستراتيجية مر بثلاث مراحل:
المرحلة المبكرة: كانت عبارة عن محاولات أولى لتحديد مفهوم الاستراتيجية، أي محاولات ريادية، حيث حصرها الكاتب بين النصف الثاني من الأربعينيات لغاية منتصف الستينات، هذه المحاولات لتحديد مفهوم الاستراتيجية كانت بنظرة ضيقة نوعا ما، وينقصها الشمولية كما نرى عند أنسوف 1965، الذي يصف الاستراتيجية على أنها قاعدة اتخاذ القرارات للمنظمة فقط؛ وهذا دليل على قصور هذه المحاولات الأولية في تحديد مفهوم كامل للاستراتيجية.
مرحلة البلورة: في هذه المرحلة أصبح المفهوم أكثر وضوحا، وبدأ فيه تحديد للعمليات التي تهتم بها الاستراتيجية من وضع الأهداف والغايات، والأغراض الرئيسية، والتحليل الاستراتيجي، والتنبؤ والاختيار، وكذلك عملية التنفيذ والرقابة الاستراتيجية.
مرحلة النضج: في هذه المرحلة بدأت تظهر التفرقة بين المستوى الاستراتيجي والمستوى الوظيفي أكثر، كما اهتمت بعملية الاختيار الاستراتيجي وضرورة التوافق بين الأهداف الاستراتيجية المختلفة، كذلك أهمية نمط استخدام الموارد والهيكل التنظيمي باعتبارها أحد مقومات الاستراتيجية.
من كل ما سبق يتبين لنا أن الاستراتيجية تتمثل في مختلف القرارات والتوجيهات الطويلة المدى التي تتبناها المؤسسة،من أجل ضمان وتطوير تفوقها التنافسي، وضبط علاقاتها مع تغيرات مختلف عوامل المحيط ، وكذا التوفيق بين مختلف مواقف أصحاب المصلحة فيها.
الفرع الثالث:الاستراتيجية في عصر العولمة.
إن التعريفات السابقة للاستراتيجية ركزت على عملية التخطيط للمستقبل، هذه الفكرة انتقدها منتزبرغ بشدة، حيث أوضح أن هذه التعريفات تعتبر أن الاستراتيجية هي دائما نتاج عملية التخطيط، وهذا في رأيه غير صحيح، لأن الاستراتيجية قد تنتج أو تظهر للوجود من داخل المنظمة، و دون أي عملية تخطيط، والشكل التالي يوضح فكرة منتز برغ.
الشكل رقم 01: الاستراتيجية المقصودة وغير المقصودة عند منتز برغ.
استراتيجية مخططة
استراتيجية متعمدة
استراتيجية محققة
استراتيجية غير محققة
استراتيجية غير مقصودة
SOURSE :R.A.THIETART, LA STRATEGIE D`ENTREPRISE.OP.CIT.P12.
يرى منتز برغ أن الاستراتيجية لا تنتج من عملية التخطيط فقط، فقد تنتج الاستراتيجيات الناجحة من عمق المنظمة من خلال الممارسة والخبرة، وبالتالي تتكون الاستراتيجية من مزيج من الاستراتيجيات المقصودة وغير المقصودة.
من هذه الفكرة يرى منتز برغ أنه لايجب النظر إلى الاستراتيجية من وجهة نظر واحدة، أي لا تعتبر الاستراتيجية كخطة فقط، بل يجب أن تتعدد الزوايا التي تنظر منها إلى الإستراتيجية، وأطلق على إنجازه هذا مصطلح: " الخمسة نقاط five p`s " حيث يرى بأن الاستراتيجية هي:[10]
أولا /خطة: أي أنها يمكن أن تكون عملا مخططا واعي ومقصودا للتعامل مع متغيرات المحيط، لضمان الوصول إلى أهداف المنظمة.
ثانيا/ مناورة: وهنا يراد بها خداع الخصم أو المنافس باستخدام بعض المناورات لتغليط المنافس، ويبقى الهدف دائما هو تحقيق أهداف المنظمة.
ثالثا/ نموذج: ينظر إلى الاستراتيجية كنموذج، أي نموذج سير النشاطات داخل المنظمة، والممارسة العملية، لتصبح هذه الممارسة مع مرور الزمن نموذج يسير عليه الأفراد داخل المنظمة.أو "مسار, دليل أو مخطط للأنشطة المستقبلية, طريق موجه للمؤسسة من نقطة إلى أخرى".[11].
رابعا/ موقف :أي هي وسيلة لتحديد موقف المنظمة في البيئة التي تعيش فيها، ويصبح الهدف من الاستراتيجية هي الموائمة بين المنظمة وبيئتها.[12]
خامسا/ الاستراتيجية كتصور: أي تصور المنظمة في المستقبل وإعطائها شكلا نموذجيا في المستقبل، ومحاولة تحقيق هذا النموذج.
نلاحظ من خلال هذه النقاط أن منتز برغ وفق إلى حد بعيد في تحديد مفهوم الاستراتيجية، حيث تعددت الوجهات التي نظر منها إلى الاستراتيجية، وهذا واقع في حياتنا العملية
1- كاظم نزار الركابي, الإدارة الإستراتيجية- العولمة والمنافسة, الطبعة الاولى، الاردن, دار وائل للنشر, 2004، ص22.
3- ثابت عبد الرحمان إدريس, جمال الدين محمد مرسي, الإدارة الاستراتيجية, مصر, الدار الجامعية, 2003, ص22.
-
المطلب الثاني: الإدارة الإستراتيجية.مطلب الثاني: الإدارة الإستراتيجية.
الفرع الأول: تعريف الإدارة الاستراتيجية.
تعتبر الإدارة الاستراتيجية من مجالات الدراسة التي نالت اهتماما واسعا في الفترة الأخيرة، وهذا نتيجة الضغوط البيئية الكبيرة، وقد تصدى العديد من الكتاب والباحثين لتعريف الإدارة الاستراتيجية.
عرفها هلفر وارسوني J.P.HELFER ET J. ORSONI على أنها: " مجموع مهام الإدارة العليا، التي تهدف إلى تثبيت المؤسسة على المسارات المرسومة لها خلال مختلف تطوراتها المستقبلية، وتزويدها بالوسائل التنظيمية اللازمة ".[1]
كما عرفها جليك GLUECK ET JAUCH بأنها : " سيل من القرارات والأفعال التي تؤدي إلى تطوير الاستراتيجية أو إستراتيجيات فعالة للمساعدة في تحقيق أهداف المنظمة "[2]
ويعرفها هيجن وفينز HIGGINS ET VINCZE أنها: " العملية الخاصة بإدارة مهنة التنظيم من حيث تحديد غايات المنظمة، وإدارة علاقتها مع البيئة الداخلية والخارجية بالشكل المطلوب ".[3]
كما لاحظنا في التعاريف السابقة فإنها تتفق جميعها على بعض النقاط الواجب توفرها في الإدارة الاستراتيجية وهي:
@ - ضرورة وضوح الرؤية المستقبلية للمنظمة.
@ - أهمية وضع رسالة للمنظمة.
@ - التركيز على ضرورة وضوح الغايات والأهداف.
@ - أهمية تكيف المنظمة مع البيئة الداخلية والخارجية.
@ - تهتم الاستراتيجية بتحديد وتخصيص الموارد اللازمة.
@ - اتخاذ القرارات الاستراتيجية في المدى البعيد.
@ - أنها أحد مهام الإدارة العليا.
الفرع الثاني: تطور مفهوم الإدارة الاستراتيجية.
قبل أن تصل الإدارة الاستراتيجية إلى ما هي عليه، مرت بعدة تطورات و مراحل، يمكن أن نقسمها إلى أربعة مراحل هي:
أولا/ مرحلة التخطيط المالي: تعتمد هذه المرحلة خاصة على الميزانيات السنوية التي تحدد مسبقا تكاليف وإيرادات السنة المالية، ويتم في ظلها التأكيد على تقليل الانحرافات وضبطها، وقد كانت الميزانيات أداة فعالة للتنفيذ والرقابة المالية، لكن مع زيادة التغيرات التكنولوجية وتغيرات المحيط أصبحت هذه الأداة غير مناسبة.
ثانيا/ التخطيط طويل الأجل: يرجع استخدام هذا المفهوم إلى انصوف منذ بداية الخمسينيات، ويركز هذا المفهوم على توقع النمو وإدارة التعقيدات، والافتراض الأساسي الذي يقوم عليه هو أن اتجاهات الماضي سوف تستمر في الحدوث مستقبلا، وبالتالي من الممكن التنبؤ بما يحدث خلال السنوات القادمة والتحضير له.
ثالثا/ التخطيط الاستراتيجي:في هذه المرحلة، تحول التركيز من التنبؤ بالمستقبل إلى فهم المقومات الرئيسية للنجاح في مجال ما، وبدأ التفكير في الفرص الموجودة في المحيط والأسواق الجديدة، ومحاولة تجميع موارد المنظمة لتحقيق الميزة التنافسية القادرة على البقاء لمدة أطول، والفهم العميق لبيئة المنظمة، واعتبر التخطيط الاستراتيجي في هذه المرحلة نشاط جد متطور، واستخدم من طرف شركات عملاقة، إلى أن واجهته بعض المشاكل، منها أن المخططين الاستراتيجيين تجاهلوا عملية التنفيذ، وبالتالي كانت هناك فوارق وانحرافات نتيجة هذا التجاهل من طرف الإدارة العليا، مما جعل المهتمين يفكرون في نشاط آخر.
رابعا/ الإدارة الاستراتيجية: أدى فشل المنظمات في تنفيذ الإستراتيجية بسبب تركيز الإدارة العليا على صياغة الاستراتيجية وتجاهل تنفيذها، إلى قيام بعض المنظمات إلى دمج التخطيط الاستراتيجي بالإدارة التنفيذية في عملية واحدة، بعد أن كانت منفصلة، ومهد هذا إلى ظهور مفهوم الإدارة الاستراتيجية التي تعتمدها المنظمات اليوم.
الفرع الثالث: عناصر الإدارة الاستراتيجية.
اختلف علماء الاستراتيجية في تحديد عناصرها، حيث هناك من اعتبر أن عناصر الاستراتيجية هي أربع وحسب بريلمنJ.Brilman فالإدارة الإستراتيجية على مستوى المنظمة تتضمن مجموعة من الأنشطة التي تهدف إلى صياغة الإستراتيجية وتحقيقها في الواقع ويرى عمر اكتوف Omar Aktouf: " الإستراتيجية هي الحفاظ, بصفة شبه دائمة, على رؤية مستقبلية, يتم تغذيتها بمعطيات المحيط الداخلي خصوصا ومعطيات المحيط الخارجي"[4].مما يجعل عناصرها تتضمن التحليل البيئي والصياغة والتنفيذ والرقابة[5]: كما يوضحه الشكل التالي
الشكل رقم 02: يوضح عناصر الإدارة الاستراتيجية عند .WHEELEN THENGER
تحليل البيئة
صياغة الاستراتيجية
التقييم والرقابة
تنفيذ الاستراتيجية
التغذية العكسية
المصدر : ثابت عبد الرحمن إدريس, جمال الدين محمد مرسي، مرجع سابق، ص38.
حيث يرى ويلن ثانجر WHEELEN THENGER بأن أولى العناصر هي تحليل البيئة بما في ذلك الداخلية والخارجية، ثم تأتي مرحلة صياغة الاستراتيجية أو عملية التخطيط الاستراتيجي، التي تحتوي على تحديد الرسالة والأهداف والاستراتيجيات والسياسات، ثم تتبعها مرحلة التنفيذ من خلال البرامج والميزانيات والإجراءات، تكون هذه المرحلة متبوعة بمرحلة التقييم والرقابة.
وهناك من اعتبر أن عناصر الإدارة الاستراتيجية ثلاثة، حيث يرى عبد الحميد المغربي أن تحليل البيئة، وصياغة الاستراتيجية ،يشكلان عنصرا واحدا[6]، هو صياغة الاستراتيجية أو التخطيط الاستراتيجي كما هو مبين في الشكل الموالي.
الشكل رقم 03: عمليات الإدارة الاستراتيجية.
تطبيق
الاستراتيجية
تقييم الإستراتيجية
البيئة الخارجية
البيئة الداخلية
صياغة الاستراتيجية
المصدر: عبد الحميد المغربي, مرجع سابق، ص61.
أولا/ صياغة الاستراتيجية: أو التخطيط الاستراتيجي، في هذه المرحلة يتم وضع وتحديد غايات المنظمة ،وأهدافها الرئيسية، وذلك في ضوء الرؤية المستقبلية الشاملة،وبعد تحديد رسالة المنظمة يتم تحديد موقف المنظمة من البيئة،هذا كله لتحديد الاستراتيجيات أو البدائل الاستراتيجية، التي يمكن للمنظمة أن تنتهجها، ثم الاختيار من بين هذه البدائل، وبالتالي يمكن لهذه المرحلة أن تحتوي على العناصر التالية:
o تحديد رسالة المنظمة.
o تحديد الغايات والأهداف طويلة الأجل.
o دراسة البيئة الخارجية لمعرفة الفرص والمخاطر.
o دراسة الإمكانيات الداخلية، لتحديد عناصر القوة والضعف.
o تحديد البدائل الاستراتيجية.
o اختيار الاستراتيجية المناسبة.
وسنفصل أكثر في التخطيط الاستراتيجي وعملياته في المباحث اللاحقة.
ثانيا/ تنفيذ الاستراتيجية: تمثل عمليات التنفيذ الاستراتيجي المرحلة الثانية والتي تلي مرحلة الصياغة الاستراتيجية ضمن عمليات الإدارة الاستراتيجية وتعتبر من أهمها، وتشمل عملية التنفيذ، تخصيص الموارد البشرية والمالية المتاحة على مجمل الأنشطة، ووضع نظم العمل وبرامجه، وبناء الهيكل التنظيمي المناسب، وإعداد القوى البشرية وتنمية القيادات الإدارية، وغيرها من الأنشطة.
ثالثا/ الرقابة :
تعتبر الرقابة احد المراحل الهامة في الإدارة الإستراتيجية حيث تكون الرقابة الإستراتيجية موجودة منذ بداية العملية حيث لا يجب أن تقتصر فقط على الرقابة البعدية التي تأتي بعد نهاية التنفيذ بل يجب أن تتزامن مع خطوات الإدارة الأخرى أي أن الرقابة تكون قبل وأثناء وبعد التنفيذ حتى تعطي النتائج المرجوة منها.
1-O.Aktouf, Le Management entre tradition et renouvellement, 3ème éd, Gaêten Morin éditeur, Montréal, 1999, P107.
-
المحاضرة الثانية : المنظمات العمومية و عملية الادارة الاستراتيجية فيها
المبحث الأول: مفهوم الهيئات العمومية و خصائصها .
يعتبر القطاع العام أحد دعائم الحياة الاجتماعية و الاقتصادية و الثقافية في المجتمع إن لم نقل أهمها , حيث أصبحت المنظمات العمومية أداة هامة في يد الحكومة لتنفيذ سياساتها التنموية وظهرت هذه المنظمات في المجتمعات الرأسمالية و الاشتراكية على حد سواء , كما ظهرت في الدول النامية و الدول المتقدمة دون تمييز, حيث بعد نهاية الحرب العالمية الثانية, أخذت البلدان النامية و المتقدمة بتكوين هذا النوع من المنظمات,وأعطتها أدوارا هامة تؤديها في مجال المرافق والخدمات العمومية والنشاطات الزراعية و الصناعية و الخدمية لدعم التنمية الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية .
مطلب1: تعريف الهيئات العمومية :
يوجد هذا النوع من المنظمات في كافة أقطار العالم سواء النامية أو المتقدمة, وقد اختلف الكتاب في إعطائه تعريف موحد نظرا لاختلاف القوانين من بلد لأخر و الألفاظ المعبرة عنه أيضا.
حيث هناك من عرفها بأنها" مصطلح يستخدم مرادفا للمشروع العام التي يتمتع فيها القطاع العام بأغلبية في الملكية و السيطرة "[1]
كما عرفها آخر بأنها " كل مشروع يعجز أو يحجم الأفراد و الجماعات الخاصة عن القيام به, إما لضخامة ما يتطلبه من موارد وإمكانيات , أو لانعدام الربح الممكن تحقيقه, فهي مشروع يمثل منفعة عامة ويستفيد منه المجتمع ككل "[2] وعرفت أيضا بأنها " كيان قانوني تنشئه الدولة له شخصية اعتبارية واستقلال مالي وموازنة منفصلة مستقلة "[3].
نلاحظ في التعريف الأول أنه يرى أن كل منظمة يملك القطاع العام الأغلبية في الملكية و السيطرة هي هيئة عمومية وجعلها مرادفا لمشروع عام أو عمومي دون أن يعطي طابع نشاطها اقتصادي أو اجتماعي أو ثقافي, حيث يرى أساس الهيئة العمومية هي الملكية و السيطرة على التسيير, و هو ما ذهب إليه التعريف الثاني حيث يرى بأن كل المجالات التي يعجز القطاع الخاص ويحجم عن القيام بها وتقوم الدولة بها هي مجالات الهيئات و المنظمات العمومية حيث يفضل الكاتب كلمة منظمة عمومية . أما التعريف الثالث الذي أعطى صبغة قانونية على التعريف و يرى بأنها كيان قانوني يتمتع بالشخصية الاعتبارية و الاستقلال المالي.
واستخدمت ألفاظ عديدة للتعبير عن الهيئات العمومية كالمشروع العام و المنظمات العمومية و غيرها, لكن قد يكون لفظ مشروع عمومي يدل أكثر على الطابع الاقتصادي للمنشأة, أما كلمة المنظمة العمومية فتشتمل جميع القطاعات الاقتصادية, الاجتماعية, الثقافية في حين قد تعبر الهيأة العمومية أكثر على الطابع الاجتماعي أو الخدمات الاجتماعية التي يستفيد منها المجتمع كالتعليم والصحة, النقل وتعبر أيضا عن مصالح حكومية أو إقليمية كالبلدية و الولاية التي تقوم بخدمة المجتمع بدون مقابل, وتقدم خدمات إدارية أو اجتماعية لأفراد المجتمع على حد سواء وتشكل الهيئات العمومية أحد أنواع المنظمات العمومية .
مطلب 2: خصائص الهيئات العمومية :
تمتاز الهيئات العمومية بعدة خصائص نذكر منها :[4]
1- تقدم الهيئة العمومية خدمة عمومية في محيط قانوني منضبط يحدد بشكل دقيق مهام الهيئة , مواردها و كيفيات توظيفها و هو ما يجعل هامش الحرية لدى المسير العمومي أقل بكثير مما هي عليه في القطاع الخاص.
2- تخضع هيكلة الهيئة العمومية و أساليب تسييرها إلى قيود اللوائح التنظيمية الصادرة عن الهيئات المركزية وهو ما يجعل أيضا هامش الحرية التنظيمية لدى المسير يبقى ضيقا حتى في الفعل التسيري نفسه.
3- غياب إمكانيات البحث عن تموقع الهيئة وفق متطلبات محيطها خصوصا في الإدارة المحلية وبالتالي تفقد الهيئة العمومية إمكانية التنويع, التكامل, التوسع الجغرافي...الخ
4- المناورات الإستراتيجية بمنطق التحالفات أو الشراكة أو التراجع في الاستثمار تغيب في الهيئة العمومية التي تلزمها النصوص القانونية بالاستقرار في مختلف أبعادها من حافظة النشاطات, مجال تدخل و امتداد إقليمي.
5- ارتباط ثقافة الهيئة العمومية بصرامة وبيروقراطية الإطار القانوني وانعكاس ذلك على أنماط تسيرها, إذ أن الأفراد يقيدون أنفسهم بدعوى الالتزام القانوني الذي يجعلهم لا يفكرون لا في المبادرات الفردية و لا في الحلول الإبداعية التي تكون غالبا خارج دائرة الصلاحيات القانونية, بل كثيرا ما يوظف الإطار القانوني كذريعة لخنق المهارات التي تفتقد حيويتها مع مرور الزمن, لأن هذه الأخيرة بطبيعتها تزداد حدة مع الممارسة العملية و بالتالي كلما اغفل توظيفها كلما فقدت أهميتها في تحقيق التفوق.
6- أنشطة الهيئات العمومية تخضع إلى رقابة متعددة الأطراف منها الوصاية المباشرة, هيئات الدولة, الشركاء السياسيين, فضلا عن المجتمع المدني بالإضافة إلى هذه الخصائص التي تميز الهيئات العمومية و التي قد تجعل منها مجال مهم للدراسة و التحليل فإن الخدمات التي تقدمها هذه الهيئات و هي الخدمات التي تمتاز بكونها عمومية وضرورية لأفراد المجتمع كافة تمتاز بخصائص هامة تجعل الهيئات العمومية أداة هامة و محل اهتمام و انتقاد أو إشادة من طرف المواطن.
مطلب 3: أهمية الهيئات العمومية في المجتمع :
تسعى الهيئات العمومية إلى إشباع حاجات عامة لأفراد المجتمع, و التي تمثل في الحقيقة أهداف عمومية تسعى الحكومة تحقيقها للأفراد و الجماعات و هي المبرر الرئيسي لوجودها,وتظهر أهمية الهيئات العمومية من خلال النقاط التالية:[5]
1- توفير السلع والخدمات اللازمة لبقاء المجتمع و تحقيق الاستقرار الاقتصادي, وتنمية وزيادة كفاءة السياسة الاقتصادية المتبعة لضمان النمو الحقيقي للاقتصاد الوطني, و النمو و الازدهار الاقتصادي للمجتمع.
2- تساعد على تحقيق الاستقرار السياسي وحماية النظام الاجتماعي السائد و التعامل مع المشاكل الخارجية وتحقيق أهداف السياسة الخارجية,و حماية المجتمع و الدفاع عنه مثل هيئات الدفاع المختلفة.
3- تساهم في نشر التعليم و توفيره لأفراد المجتمع و النهوض بمستوى التعليم في مراحله المختلفة, و نشر الثقافة بين أفراد المجتمع, وتبادل الثقافات مع الشعوب الأخرى.
4- تساهم في تحقيق العدل والمساواة و الحرية وما شابه ذلك و نشر الأخلاق الاجتماعية البناءة من خلال هيئات عمومية مختصة في هذا المجال, كما تساهم في إشباع الحاجات الدينية لأفراد المجتمع, من خلال الهيئات الدينية و الثقافية المختلفة.
5- تساعد في الحفاظ على الصحة العامة وتحسينها و مكافحة الأمراض و الأوبئة وتحصين الأطفال من الأمراض المعدية و الخطيرة من خلال المستوصفات و المستشفيات العامة,و مراكز الإسعاف و التأمين الصحي و غير من الهيئات العمومية المختصة في هذا المجال.
كل هذه العناصر تبين مدى أهمية الهيئات العمومية للمجتمع و الدولة و تبين أيضا مدى تشعب المجالات التي يمكن أن تعمل فيها الهيئات العمومية, التي يمكن أن تأخذ طابع اقتصادي كمصالح الضرائب و الجمارك و التأمين, و يمكن أن تأخذ طابع سياسي أو أمني كالشرطة, الجيش, أو طابع ديني أو صحي كالمستشفيات العمومية, و المستوصفات و مراكز الإسعاف, أو طابع إداري كالبلديات .
المطلب الرابع: المبادئ التنظيمية للهيئات العمومية.
تمتاز الهيئات العمومية خاصة و المنظمات العمومية الغير الهادفة للربح عامة ببعض
المبادئ التنظيمية نذكر منها:[6]
1- مبدأ سير الهيئات العمومية بانتظام, و ذلك على أساس أن الخدمات التي تقدمها تعتبر جوهرية أو ضرورية للمواطن , و بالتالي لا يمكن الاستغناء عليها, لهذا تخضع هذه المنظمات لنظام قانوني خاص, كالدوام المستمر أو ضمان الحد الأدنى من الخدمة كالمستشفيات و الجمارك, كما أن بعض الدول تلجأ إلى تحريم الإضراب في منظماتها العمومية لضمان تقديم الخدمات العامة للمواطنين باستمرار.
2- مبدأ مسايرة الهيئات العمومية للحاجات المستحدثة, وهذا يعني ضرورة تطوير تلك المنظمات من حيث النشاط الذي تقوم به, ومن حيث الوسائل المستخدمة في إدارتها, وذلك لضمان أنها تتماشى مع الحاجات المتجددة للمواطن و المجتمع ككل.
3- مبدأ مساواة الأفراد في الانتفاع بخدمات الهيئات العمومية, حيث متى توافرت لدى الأفراد الشروط التي يحددها القانون للانتفاع بالخدمة العمومية وجبت التسوية بينهم في المعاملة تحقيقا لمبدأ المساواة أمام القانون, و لا يتنافى مع مبدأ المساواة أن توضع شروط عامة ينبغي توفرها في كل من يريد الانتفاع بالخدمة العمومية, كتحديد رسم معين على من يريد الاستفادة من الخدمة أو تحديد مؤهلات خاصة لمن له الحق بالالتحاق بوظيفة عمومية معينة, و يلاحظ أن مبدأ المساواة لا يحرم الإدارة سلطتها التقديرية في أن تختار من بين طوائف الأفراد من يكون قد استوفى شروط الانتفاع, فتلبي طلب البعض دون الآخر, بشرط أن تستند في تصرفاتها إلى اعتبارات المصلحة العامة.
4- مبدأ استبعاد هدف الربح, حيث أن هدف الحكومة من وراء إنشاء الهيئة أو المنظمة العمومية هو الوفاء بالحاجيات العمومية للمواطنين, و بالتالي فهي لا تقصد تحقيق الربح و لا تسعى إليه , و لكن لا يقصد من هذا المبدأ أن تقدم الخدمات مجانا, بل كثير ما يكون مقابل دفع رسوم معينة, ولكن هذه الرسوم لا تحصل بغرض الربح بل لتخفيف العبء على الحكومة و ميزانية الدولة.
وقد يكون المبدأ الأخير أهم مبدأ يميز القطاع العمومي عن القطاع الخاص.
المطلب الخامس: الفرق بين الهيئات العمومية و المنظمات الخاصة:
توجد عدة فروق بين القطاع العام و هيئاته و بين القطاع الخاص, حيث يمكن تلخيص هذه الفروق في الجدول التالي:
الجدول رقم4: الفرق بين الهيئات العمومية و المنظمات الخاصة .
مجال التفرقة
الهيئات العمومية
المنظمات الخاصة
- الملكية
- الهدف
-
-
- قياس المنافع
- الهيكل
- الأنشطة
- التركيز
- مصادر التمويل
- الرقابة
-
- قياس الأداة
-
- المسؤولية
- المناخ السياسي
للدولة
غامض, متعددة الأهداف الاجتماعية
صعب للغاية إن لم نقل غير ممكن
غالبا يميل إلى المركزية
محددة
على تقديم الخدمات للمجتمع
الدولة
مؤسسات سياسية وأجهزة رقابة حكومية
صعب القياس
تجاه مؤسسات سياسية و أجهزة حكومية و أفراد المجتمع
أكثر التأثر بالمناخ السياسي
للخواص
واضح: الربح
سهل : منافع اقتصادية كمية.
غالبا يميل إلى اللامركزية
غير محددة
على الكفاءة و الفعالية و الاستجابة لطلب السوق
الخواص. البنوك,العملاء,الأرباح المحققة
إدارة المنظمة بمختلف مستوياتها(داخلية)
سهل القياس
أصحاب الأسهم, المالكين و أصحاب رأس المال.
أقل تأثر بالمناخ السياسي السائد.
المصدر: موقف حديد محمد: إدارة الأعمال الحكومية, الأردن , دار المناهج 2002، ص 163بتصرف.
حيث تعتبر المجالات السابقة أهم مجالات التفرقة بين القطاعين العمومي والخاص, و يعتبر الهدف أهم فرق بين الهيئات العمومية و المنظمات الخاصة، ففي القطاع الخاص الهدف الرئيسي يحدد بواسطة حاملي الأسهم و مجلس الإدارة و يكون غالبا هو تعظيم الربح وتكون الأهداف الفرعية محددة ضمن إطار الهدف الأول أو الهدف العام, و يمكن قياس هذه الأهداف بسهولة حيث تكون محددة بدقة ووضوح, أما في المنظمات العمومية فالأمر يختلف فعادة المنظمة العمومية تجد صعوبة كبيرة في قياس أهدافها و التي يتم صياغتها في أسلوب أقل تحديدا حيث تكون الأهداف مصاغة بشكل عام كالحفاظ على الصحة العامة أو ترقية مستوى التعليم في المجتمع, كما يوجد فرق أيضا في قياس المنافع حيث أنه يصعب قياس منافع الخدمات العمومية المقدمة للمواطن لأنها ترتكز على المنافع الاجتماعية عكس المنظمات الخاصة التي ترتكز على المنافع الاقتصادية و الربح خاصة الذي يمكن قياسه بسهولة.
المبحث الثاني : الهيئات العمومية وعملية الإدارة الإستراتيجية :
تطرقنا في المبحث السابق إلى الهيئات العمومية وخصائصها و أهميتها بالنسبة للدولة و المجتمع مما يجعل الاهتمام بها أمر ضروري من خلال إدخال أساليب الإدارة الحديثة عليها حتى تحقق أهدافها, لهذا فإن موضوع الادارة الاستراتيجية بالنسبة لهذه الشريحة العريضة من المنظمات يمثل أمرا هاما وضروريا, باعتباره ركيزة مهمة في التوجه التطويري الجديد, فهو يبين كيف لهذه المنظمات أن تستفيد من عناصر قوتها ومن ظروفها الخارجية, وهو أيضا يبين مسارات الأحداث المستقبلية البديلة وكيفية استخدامها عمليا, كما يبين المشكلات و العقبات التي يمكن أن تصادف المنظمات إزاء تطبيق هذا المنهج أو باختصار شديد من خلال التخطيط يتمكن مدير المنظمة من تقرير ما سوف يتم عمله ومتى سيتم عمله ومن الذي يقوم بعمله.
1 - كريستين كسيندر: خصخصة مشروعات البنية الأساسية "المتطلبات , البدائل, الخبرات ،ترجمة : منير إبراهيم هندي ، مصر ، المنظمة العربية للتنمية الإدارية ،1997،ص 62.
3-كريستين كسيندر: خصخصة مشروعات البنية الأساسية "المتطلبات , البدائل, الخبرات ترجمة : منير إبراهيم هندي ، مصر ، المنظمة العربية للتنمية الإدارية ،1997،ص 62.
-
مطلب1: أهمية التخطيط الإستراتيجي في الهيئات العمومية :
لا شك أن هناك أهمية كبيرة للتخطيط الإستراتيجي في القطاع العمومي أو القطاع الغير الهادف للربح إجمالا, و فوائد يمكن أن نذكر بعضها في النقاط التالية[1]:
1- يساهم في رسم صورة النجاح للمنظمة العامة من خلال الحديث عن مستقبلها وما يمكن أن تكون عليه, وما يجب أن تكون عليه, وذلك من خلال تحديد الرؤية التي تتصورها قيادة المنظمة.
2- تحديد رسالة mission المنظمة وأهدافها الإستراتيجية طويلة المدى, وهذا لا يأتي إلا من خلال تحليل بيئة المنظمة.
3- يساهم في تحديد المهام و برامج التطوير ورسم الأدوار.
4- يرفع من جودة القرارات في المنظمات العمومية باعتبارها منظمات بالغة الأهمية و التعقيد, وعدم تطبيق المفهوم الإستراتيجي في المنضمة الحكومية يعني نشر التكلفة الناجمة عن سوء اتخاذ القرارات[2]
5- إثارة التحديات الفعالة للدور الحكومي, حيث إن مصداقية الحكومة تتمثل في حسن سير منظماتها وجودة الخدمات التي تقدمها, واتخاذ قرارات جيدة على المدى الطويل و التنفيذ الجيد لها, وهذا ما قد يأتي من التخطيط الإستراتيجي [3]
6- مساعدة الإدارة على تحديد معايير للأداء أي يساعد في عملية الرقابة كما يساعد المنظمات الحكومية على التكيف مع متغيرات المحيط.[4]
باختصار شديد يساعد التخطيط الإستراتيجي المنظمات العمومية الغير الهادفة للربح على القيام بأنشطتها ووظائفها بطريقة أفضل حيث يساعد على تكوين مفهوم محدد وواضح للمنظمة وهذا يجعل من الممكن صياغة الخطط و الأنشطة و الوظائف التي تقرب المنظمة أكثر إلى أهدافها التي تسعى إلى تحقيقها, ويساعدها على التعامل مع البيئة المتغيرة بسرعة وذلك في المجال الذي تعمل فيه المنظمات العمومية, ويعتبره البعض نواة التسيير العمومي حيث يدعو بشكل صريح إلى إدماج أدوات التخطيط و الميزانيات و النظرة الإستراتيجية للمدى البعيد في ممارساته[5] , ويزداد المسار الإستراتيجي أهمية في السياق العمومي إجمالا و المحلي خصوصا انطلاقا من كون الهيئات العمومية المحلية هي هيئات سياسية تتخذ خيارات معينة كي تستجيب للاحتياجات قصيرة المدى للأفراد لكن مع رسم مسارات المستقبل أفضل, لتجسيد النظرة الإستراتيجية في هذا السياق بالإجابة على التساؤلات التالية: أين يتجه المجتمع وبعده المحلي خصوصا؟ ما هي اتجاهات تطوره الطبيعية, أين يرغب وكلاء المجتمع الذهاب به؟ انطلاقا من الرهانات المستقبلية ما هي عوامل هذا التطور؟ كيف نجعل الهيئة المعينة تمارس الصلاحيات المحددة لها قانونا بفعالية؟[6].
ومما زاد في ضرورة التخطيط الإستراتيجي وأهميته في السياق العمومي هو ظهور المنافسة لدى هذا القطاع فمثلا في قطاع الصحة المنافسة بين المستشفيات العمومية و نظيرتها الخاصة وحتى بين المستشفيات العمومية فيما بينها لكسب رضا المسئولين وأصحاب المصالح كما في باقي القطاعات التربية و الجماعات المحلية أيضا, حيث تحاول كل منها منافسة نظيراتها في الأقاليم الأخرى و تقديم خدمات ذات جودة من خلال التعامل الجيد مع المواطن طالب الخدمة و تسهيل المهمة له في الحصول عليها وهذا كله لكسب رضا المسؤولين وأصحاب المصالح الذين يهدفون أيضا من وراء تحسين أداء الخدمات العامة إلى إعطاء صورة حسنة للحكومة ، و أصحاب المصالح في المنظمات العمومية متعددة, حيث هناك العديد من الأطراف داخل هذه المنظمات كما هو موضح .
الشكل رقم 6: يوضح أصحاب المصالح في المنظمات العامة .
التوقعات الاجتماعية
الضغوط التشريعية
مجموعة الضغوط السياسية
المنظمات العمومية
الضغوط القضائية الحكومية
الزبائن و المستهلكين
ضغوط جماعة التنفيذ الحكومي
المصدر : فلاح حسن عداي الحسيني، مرجع سابق، ص 292.
حيث لخص الكاتب أصحاب المصالح في المنظمات العمومية في السلطات الثلاث للدولة التشريعية و القضائية و التنفيذية مضيفا توقعات المجتمع لأداء الخدمات العمومية ورأي أيضا المواطن لطلب الخدمة, إضافة إلى ضغوط الجماعات السياسية التي تنشط وتطالب دوما بأداء أحسن للخدمات العامة .
وكل هذه الضغوط تكون مفيدة للمنظمات العمومية التي إذا أخذت بجد أراء كل واحد من هؤلاء, فستقدم خدمات ذات جودة عالية.ويشكل أصحاب المصالح في المنظمات العامة جزءا من بيئتها التي تؤثر على عمليات الإدارة فيها.
المطلب 2: بيئة الهيئات العمومية و تأثيرها على التخطيط الإستراتيجي فيها:
إذا كانت الإدارة من الناحية الوظيفية هي عملية اجتماعية تتضمن القيام بأنشطة معينة, فإن هذه الأنشطة لا تختلف من منظمة إلى أخرى. فجميع المنظمات لا بد لها أن تخطط و تضع السياسات, وتعد برامج العمل, وتعد الميزانيات, وجميع هذه الأنشطة تتماثل أو تتشابه في كل من المنظمات العامة و منظمات الأعمال, و لكن الاختلاف بين الإدارة العمومية أو التسيير العمومي و التسيير الخاص إنما يكمن في خصائص بيئة كل منهما, مما يؤثر على العمليات الإدارية في كل منظمة ومن الناحية البيئية فإن التسيير العمومي هو ممارسة لوظائف و مبادئ التسيير و الإدارة في ظل و من خلال الحكومة في كل مستوى من مستوياتها وهذا ما يؤثر على المنظمات العمومية تأثيرا هاما, يمكن تقسيمه إلى آثار إيجابية وأثار سلبية :
فرع 1: الآثار السلبية :
تؤثر بيئة القطاع العام عليه مباشرة مخلفة عدة آثار سلبية نحاول ذكر أهمها فيما يلي:
1- تأثير الوضع المالي للدولة ككل على الوضع المالي لهيئاتها ومنظماتها و العاملين بها أيضا[7].
2- اهتمام التسيير العمومي واضطلاعه بمسؤولية العديد من المشاكل أو المشاريع الكبرى وغير المربحة [8] , كتحديث المناطق النائية لاستيعاب التكدس السكاني, وتوظيف أعداد كبيرة من أفراد المجتمع للقضاء على البطالة , مما يخلق بطالة مقنعة داخل هذا النوع من المنظمات[9].
3- تتميز الهيئات و المنظمات العمومية بعدم وجود صلة بين الإيرادات التي تحققها و النفقات التي تتحملها بعكس الحال في منظمات الأعمال الخاصة [10] ومعنى وجود هذه الصلة هو إمكانية استخدام الربح كمعيار كمي لقياس الكفاءة, لذلك فإن تقييم منظمات القطاع العمومي يعتبر من أصعب عمليات التقييم و الحكم على الكفاءة فمعيار الربح المستخدم في تقييم نشاط منظمات الأعمال هو انعكاس أو محصلة للعديد من القرارات التي تصدرها, و بالتالي يمكن تقييم نشاط هذه المنظمات من واقع مدى التأثير الإجمالي لتلك القرارات على الربحية .
وعلى العكس من ذلك فإن نشاط المنظمات العمومية لا يهدف للربح أساسا,و حتى الإيرادات في حالة زيادتها فقد لا يكون نتيجة الكفاءة في الأداء بل قد يكون مصدرها القانون كزيادة مبالغ الرسوم و الضرائب, لهذا يعوض معيار الربح في تقييم الأداء بمعايير أخرى, إلا أن هذه المعايير هي معايير عامة و غير كمية ودقيقة كالعدالة في تقديم الخدمة و المساواة بين المواطنين وتوضع في عبارات شاملة كالرفع من المستوى التعليمي أو لتحسين الحالة الصحية للمواطن, هذه كلها عبارات لا يمكن قياسها
فرع 2: الآثار الإيجابية :
على العكس مما سبق, هناك بعض الآثار الإيجابية التي تحقق للمؤسسات العامة مزايا تنفرد بها مقارنة بالمؤسسات الخاصة, نذكر منها :
1- امتلاك مصادر مالية غير محدودة تؤهلها لطرق أي مجال يستحق المبادرة و ذلك من خلال قدرة الدولة على فرض و تحصيل الضرائب من المواطنين.
2- احتكار الشريحة القانونية, وهذا يعني أن هذه المنظمات باعتبارها خاضعة لملكية الدولة و جزءا من السلطة التنفيذية, تقوم بدور الممثل الشرعي لصالح المجتمع, بعكس المؤسسات الخاصة التي تسعى لتقوية مركزها بما يمكنها من أن تصبح قوة مؤثرة في المجتمع,و لكن الهدف الخاص وراء هذه المحاولات هو الربح مما يجعلها في مركز أضعف بالمقارنة بالمؤسسات العمومية
المطلب 3: عمليات التخطيط الإستراتيجي في القطاع العمومي :
مما لا شك فيه أن خصائص بيئة القطاع العمومي تجعل من عملية التخطيط الإستراتيجي داخل هيئاته تختلف نوعا ما عن مثيلتها في المؤسسات الخاصة الهادفة للربح, لكن تبقى السمات الكبرى مشتركة لكن عند القيام بها يجب فقط مراعاة خصائص الهيئات العامة المذكورة سابقا حتى تحقق عملية التخطيط الإستراتيجي الهدف المنوط بها, ويمكن إعطاء نموذج عملي للهيكل الخاص بالإستراتيجية و القابل للتطبيق على الأجهزة العمومية أو الوزارات و المصالح و الهيئات العمومية, وفيما يلي المراحل المختلفة التي يتكون منها هذا الهيكل:[11]
أولا : توصيف وتشخيص الوضع القائم:
وتحتوي نقطة توصيف وتشخيص الوضع القائم على النقاط التالية :
أ- توصيف وتشخيص الوضع الحالي في المنظمة:
- تاريخ المنظمة .
- طبيعة نشاطها وحجمها.
- أهدافها وسياستها.
- هيكلها التنظيمي القائم.
- حجم ونوع القوة العامة.
- موارد المنظمة المالية .
- الإمكانيات و التسهيلات المتاحة .
- المشكلات التي تعاني منها حاليا.
- اتجاهات و آراء المسؤولين و العاملين نحو المشكلات موضوع الاهتمام في الإستراتيجية
- نظم الاتصال المستخدمة .
- نمط و أسلوب الإدارة المتبع.
- مقترحات العاملين المسؤولين لمعالجة المشكلات موضوع الاهتمام و التطوير
- استعداد العاملين و المسؤولين للتغيير و التطوير.
ب/ توصيف و تشخيص الوضع الحالي لبيئة المنظمة الخارجية:
- التغيير ذو العلاقة في القوى البيئية المختلفة و ذات التأثير على المنظمة.
- علاقات المنظمة بالأطراف ذات الاهتمام المباشر و غير المباشر (المواطنين,بعض الوزارات , بعض المنظمات المحلية........إلخ).
- الانطباع الذهني عن المنظمة و خدماتها لدى الرأي العام.
- اتجاهات المستفيدين من خدمات المنظمة نحو جودة هذه الخدمات.
- القيود و التهديدات الحالية و المتوقعة في البيئة ذات العلاقة المباشرة و غير المباشرة بالمنظمة.
ج/ ملخص بمرحلة التوصيف و التشخيص يوضح ما يلي:
- مجالات القوة و الضعف في المنظمة
- الفرص المتاحة أمام المنظمة في البيئة المحيطة.
- التهديدات الحالية و المتوقعة في البيئة المحيطة.
- طبيعة وحدود المشكلة التي تعاني منها المنظمة و التي سوف يتم التركيز عليها عند تصميم برامج و مشروعات الإستراتيجية .
ثانيا: الرؤية الإستراتيجية و رسالة المنظمة:
قد يعتبر البعض أن هذه الخطة ينبغي أن تكون الأولى و تسبق مرحلة التحليل و التشخيص و هناك من يرى أنها تأتي بعدها, لكن المهم في الموضوع هو التكامل فيما بين المرحلتين وليس الترتيب, وتشمل هذه المرحلة على :
- بلورة الرؤية الإستراتيجية للمنظمة خلال السنوات الخمس أو العشرة القادمة, و التي تعبر عن فلسفة المنظمة ودورها في القطاع العمومي.
- صياغة رسالة المنظمة بما يعكس أسباب قيامها و مهامها وقطاعات المجتمع التي تقوم بخدمتها, و الغايات العامة التي تسعى إليها من خلال الخدمات المقدمة للمجتمع.
ثالثا: تحديد الغايات و الأهداف الإستراتيجية:
- في ضوء الرؤية الإستراتيجية و الرسالة يتم تحديد الغايات العامة المرغوب تحقيقها من جانب المنظمة في الأجل الطويل .
- تحديد الأهداف الإستراتيجية التي تنطوي عليها كل غاية من الغايات العامة التي سبق الاتفاق عليها .
رابعا: البرامج و المشروعات المقترحة لتحقيق الغايات و الأهداف الإستراتيجية:
- تصميم البرامج اللازمة للإستراتيجية , حيث أن كل برنامج يتضمن مجموعة من مشروعات التطوير أو التغيير لتحقيق غاية عامة محددة و الأهداف الإستراتيجية الخاصة بها.
- صياغة المشروعات الخاصة بكل برنامج أمكن التوصل إليه, ويمكن أن تحقق أهداف هذا البرنامج.
خامسا: تحديد متطلبات تنفيذ برامج ومشروعات الإستراتيجية :
- متطلبات مالية تقديرية للاتفاق على البرامج و المشرعات.
- متطلبات معلوماتية لتنفيذ المشروعات .
- متطلبات مادية ممثلة في التسهيلات اللازمة .
- متطلبات إدارية ممثلة في التنظيمات و الاختصاصات اللازمة لإدارة البرامج و الإشراف و الرقابة على تنفيذها .
- متطلبات تشريعية و قانونية إذا لزم الأمر.
سادسا: نظام الأولويات و الجداول الزمنية:
- الاتفاق على نظام محدد بدقة لأولويات تنفيذ البرامج و الخطط الإستراتيجية أي وضع سلم الأولويات للأهداف المراد الوصول إليها وفقا لعدة معايير منها التكلفة, و فورية الأثر, و مدى الحاجة و الآثار الجانبية على الأطراف المباشرة و غير المباشرة.
- وضع جدول زمني دقيق للفترات الزمنية الخاصة بتنفيذ البرامج و المشروعات و المراحل المختلفة لكل مشروع .
سابعا: تصميم مؤشرات المتابعة و التقييم:
- تصميم المؤشرات الكمية و النوعية لمتابعة و تقييم كل برنامج و المراحل المختلفة الخاصة به
- تصميم النماذج المناسبة و البرامج الخاصة بالحاسب الآلي اللازمة لعمليات المتابعة و التقييم.
- مراعاة تحديد المسؤولية عند تصميم أدوات و أساليب المتابعة و التقييم
ثامنا: عرض و مناقشة الإستراتيجية على المسؤولين:
- يتم عرض الإستراتيجية بشكل متكامل على المسؤولين في الإدارة العليا بالرغم من مشاركتهم السابقة في مختلف مراحلها.
- مناقشة الإستراتيجية من خلال العرض الشفوي مع المسؤولين و العاملين للتأكد من قبولها, مع إمكانية إجراء التعديلات أو الإضافات لمحتوياتها.
تاسعا:إصدار القرار من الجهة المسؤولة للتنفيذ:
- اعتماد الإستراتيجية بشكل رسمي و التصديق عليها من جانب المستويات الإدارية العليا.
- إصدار القرارات اللازمة لتنفيذ الخطط و البرامج و الحصول على المشاركة و التأييد من جميع المستويات المعينة بالإستراتيجية.
1- جون م براسيون، التخطيط الإستراتيجي للمؤسسات العامة وغير الربحية، ترجمة محمد: عزت عبد الموجود, ط1 ، لبنان, مكتبة لبنان ناشرون ،2003، ص22.
-
الخيارات الإستراتيجية في القطاع العمومي
تسعى منظمات القطاع العمومي و المنظمات الغير الهادفة للربح إلى تقديم تشكيلة متنوعة من الخدمات ذات جودة عالية, بهدف إشباع حاجات أفراد المجتمع الغير منتهية, و تستخدم هذه المنظمات إيراداتها الفائضة في توسيع وتحسين جودة خدماتها و زيادة شبكة توزيعها على مناطق جغرافية واسعة, و تلجأ إلى اعتماد استراتيجيات متعددة لتحقيق أهداف خدماتها و لمواجهة الضغوطات الناجمة من الممولين, و توجد مجموعة من الإستراتيجيات يمكن أن تطبقها مؤسسات القطاع العمومي و المؤسسات الغير الربحية بصفة عامة نذكر منها ما يلي:
المطلب 1: استراتيجيات التحميل و التكامل الإستراتيجي:
و تشمل على استراتيجيتين:[1]
الفرع1/ إستراتيجية التحميل الإستراتيجي: تستند هذه الإستراتيجية إلى فكرة إيجاد نشاط جديد في المنظمات العمومية الغير الهادفة للربح و ذلك بهدف جذب موارد مالية إضافية و بهدف معالجة العجز المالي الناجم عن قصور الإيرادات عن المصروفات, ويرتبط هذا النشاط بشكل ما بمهمة ورسالة هذه المنظمة.
وقد انتشر استخدام هذه الإستراتيجية منذ الثمانينات وتتمثل في البحث عن موارد مالية جديدة من خلال تقديم خدمات جديدة أو التوسع في تقديم خدمات قائمة ترتبط في إمكانية تحفيز الممولين و المساهمين على تقديم أموال إضافية لتغطية النقص الحاصل في الموارد المالية, وضمان استمرار و بقاء المنظمة في السوق الاجتماعي, وتتطلب عملية إيجاد نشاط جديد أو تقديم خدمة جديدة لتحقيق الإيرادات مراعاة الجوانب الآتية:
1- تقديم سلعة تتمتع بطلب من الزبائن, أي إنتاج شيء يمكن بيعه و تحديد فيما إذا كان الأفراد يرغبون في شراء منتجات أو خدمات مرتبطة ارتباطا وثيقا بالنشاط الأساسي للمنظمة .
2- توافر الخبرات و المهارات الإدارية التي تتولى عمليات تنفيذ البرامج وتحقيق الأهداف بكفاءة و فعالية.
3- وجود الدعم الإداري المتميز من قبل الإدارة العليا حيث لا يمكن الاستغناء عن الدعم و المتابعة المنبثقة من الإدارة العليا.
4- وجود الاتجاه التجاري حيث يتطلب الأمر أن تكون الإدارة قادرة على الجمع بين الأفكار المبتكرة و الجوانب العملية الخاصة بالسوق و التجارة و ضمان الرؤيا التنافسية التي تحفز المنظمة على تقديم الأفضل لضمان بقائها و نموها.
5- توفر رأس المال الخاص بالمنظمة و في بعض الأحيان تلجأ هذه المنظمات إلى الدخول في مشاريع مشتركة مع مؤسسات تجارية للحصول على رأس المال اللازم بالإضافة إلى الدعم التسويقي و الإداري.
الفرع2/ إستراتيجية التكامل(الترابط) بين التنظيمات.
وتمثل إحدى الإستراتيجيات الأساسية في القطاع العمومي و غير الربحي و ذلك بهدف زيادة كفاءتها وقدرتها على خدمة زبائنها أو الحصول على المزيد من الموارد المالية. وتستند فكرة هذه الإستراتيجية إلى ضرورة إقامة علاقات تكاملية و تعاونية مع منظمات أخرى للاستفادة من خبرتها و إمكانياتها, و غالبا ما تستخدم هذه الإستراتيجية من قبل بعض المستشفيات العمومية الغير هادفة للربح و ذلك لمواجهة التكاليف و النفقات المتزايدة.
المطلب 2 :استراتيجيات ويشلر وباكون[2]
حدد هذان العالمان في دراستهما ثلاثة نماذج استراتيجية و تحمل هذه الإستراتيجيات الأسماء التالية: التطويرية , السياسية , و الوقائية .
الفرع1/ الإستراتيجية التطويرية: تحاول تحسين موقف المؤسسة و قدرتها و مصادر نفوذها, كما أنها تسعى لخلق مستقبل جديد و أفضل للمؤسسة العمومية, و يمكن لأنظمة التخطيط الرسمية أن تلعب دورا مهما في إرساء عملية الاستفادة من المصادر الموجودة لبناء القدرات, و لا بد أن تلقى المؤسسة الدعم من البيئة الخارجية, من أجل إنجاح الإستراتيجية التطويرية .
الفرع2/ الإستراتيجية السياسية : و هي نوعان: الأول يمثل استجابة للظروف البيئية المتغيرة ويسعى لتحقيق توازن القوة بين أصحاب المصالح الخارجيين, وهذه الإستراتيجية ليست متفاعلة تماما لأن بإمكان القادة و صناع القرار في المؤسسة أن يستمروا في السيطرة على مجريات الأمور في المؤسسة, أما النوع الثاني للإستراتيجية السياسية فينطوي على النظر إلى المؤسسة على أنها نتاج التنافس السياسي الحزبي, كما أن التغيرات التي تحدث في المراكز التنظيمية و الهيكل التنظيمي و السياسة و البرامج ينظر إليها على أنها بمثابة مكافآت لعدد من المؤيدين و الناخبين المهمين, وهذا النوع من الإستراتيجيات يحدث في الغالب بعد حدوث تغيرات في الأنظمة الحكومية .
الفرع3/ الإستراتيجية الوقائية : تقوم بصياغتها المؤسسات ذات القدرات المحدودة استجابة لبيئة عدائية أو مهددة, و هذا للحفاظ على الوضع المؤسسي في مواجهة ضغوط خارجية قوية و هذا هو أكثر أنواع الإستراتيجيات تفاعلية لأن القرارات و الإجراءات يتم اتخاذها,استجابة لعدد من أصحاب المصالح الخارجيين, كما أن الإجراءات التي تتخذ قد تكون مفروضة من الخارج لأن المؤسسة قد تخضع لآراء و سياسات الممولين و المساهمين مع إهمال إبداع الإطارات داخل المؤسسة و آرائهم التي قد تكون أكثر فعالية,لكن رغبة المؤسسة في تنفيذ أوامر أصحاب المصالح لوقايتها من التهديدات التي قد تنجم جراء تجاهل أصحاب المصالح لهذا سميت بالإستراتيجية الوقائية.
المطلب3 :استراتيجيات روبين robin.
حيث وضع هذا العالم سنة 1988 نموذجا لإستراتيجيات القطاع العام, تعتمد على طول المدة الزمنية وقصرها, ومدى تفاعل التغيير مع الواقع أو مع صياغة مستقبل يختلف كلية مع الماضي و الشكل التالي يوضح نموذج روبين:
الشكل رقم 8 : نموذج روبين لإستراتيجيات القطاع العمومي
المدة الزمنية
قصيرة طويلة
استراتيجية تشبه المغامرة استراتيجية تشبه البحث
أهداف - جدول أعمال جديد
تجارب - رؤية موسعة
مدمجة - طريق بديل
مراهنات استراتجيات تشبه قصص البطولة
- الاحتراز - استرجاعية
- الاتكاء - إصلاحية
- التقدم - محافظة
-
التغيير تغيير
مستند
لقرائن
مفكك
المصدر : جون م.براسيون: التخطيط الإستراتيجي للمؤسسات العامة و غير الربحية, ترجمة محمد عزت عبد الموجود.ط1, لبنان، مكتبة لبنان 2003,ص 435.
حيث قسم روبين الإستراتيجيات إلى أربعة هي:
الفرع1 / استراتيجيات بطولية: حيث تمثل نماذج من العمل الذي يتم اتخاذه عبر فترة زمنية طويلة, من أجل إحياء مجموعة من القيم و الأهداف أو السلوكات التي ضاعت, أو تواجه خطر الضياع بسبب التغيرات البيئية, أو الخلل الواقع في القدرات الإدارية الداخلية, و الفكرة ليست في إعادة تأسيس الماضي, بل في استعادة صفات الماضي الضائعة, من خلال الاستجابات الإستراتيجية للظروف الجديدة أو المتغيرة, وقسمت إلى :
1- استرجاعية : تهدف إلى إحياء الصفات الضائعة من خلال صياغة سياسات جديدة و إعادة توجيه برامج مؤسسية.
2- إصلاحية: تكون مصممة لتغيير السياسات و الإجراءات الحكومية.
3- محافظة : تدعوا إلى المحافظة على القيم و السلوكيات أو الأهداف القائمة التي تهددها تغيرات بيئية كبيرة.
الفرع2/ استراتجيات البحث و الاستكشاف: تشبه الإستراتيجية البطولية في طول الفترة الزمنية, و لكنها في كونها عملا لا يهدف إلى التجديد, أو الحفاظ على الماضي وتقديره, ولكنها تهدف إلى خلق مستقبل جديد مختلف و قسمت إلى:
1- جدول الأعمال الجديد : و هو خاص بالأهداف طويلة الأمد التي ترتبط عادة بالشخصيات المعينة أو المنتخبة حديثا, كبرنامج والي جديد مثلا.
2- الرؤية الموسعة للمؤسسة أو مدينة أو إقليم أو ولاية, فهي عبارة عن نظرة أو حلم أو تصوير لحالة المؤسسة في فترة زمنية معينة .
3- المسار البديل للعمل الذي تمت صياغته باستجابة مباشرة, ولكنها طويلة الأجل لمواجهة أزمة متوقعة .
الفرع3/ إستراتجيات المغامرة : تشبه استراتجيات البحث و الاستكشاف لكن الإطار الزمني لها قصير المدى, و هي تنقسم أيضا إلى:
1- أهداف تركز الجهود على الاستفادة من الفرص قصيرة الأمد, أو التغلب على قضية استراتيجية قائمة في الوقت الحالي.
2- محاولات وتجارب قصيرة الأمد للتعامل مع القضايا .
3- ارتباطات أو اتفاقيات قصيرة الأمد بين الإدارات و المؤسسات للتعامل مع الصعاب أو الفرص التي تطلب جهدا مشتركا.
الفرع4/ استراتيجية المراهنات: وهي عبارة عن جهود يقصد بها المناورة في اتجاه الفرصة الأفضل, وفي نفس الوقت التغلب على أية مخاطر أو التخفيف منها, وهذه الإجراءات يتم اتخاذها عادة في مواجهة الصعاب التي تحول دون صياغة استراتيجية طويلة المدى.
و فكرتها الأساسية هي المراهنات بإمكانيات المؤسسة بوضعها على أوراق رابحة, وتنقسم هي الأخرى إلى ثلاثة استراتيجيات :
1- الاشتراك بين الهيئات في مفاوضات في مجالات و موضوعات ذات أهمية كبيرة.
2- التقدم أو الاستجابة القصيرة الأمد لموقف حالي, و هي الاستجابة التي يمكن أن تدفع المصلحة طويلة الأمد قُدما، حتى لو كان هذا التقدم لا يشكل جزءا من الإستراتيجية طويلة الأمد.
3- الوقاية من المخاطر و الموازنة بينها.
المطلب4: استراتيجيات تحسين الأداء في القطاع العمومي:
احتلت خطط وبرامج الإصلاح الإداري خلال السنوات السابقة إلى الآن اهتمام حكومات العالم, واتخذت اتجاه غير تقليدي يتفق مع الدور الجديد الذي تلعبه الدولة, و قد ساهم العديد من الكتاب و المفكرين في بلورة هذا الاتجاه الحديث لفكر الإصلاح الإداري, ويتمثل أهمها فيما يلي:
الفرع1/ إعادة اختراع أو اكتشاف الحكومة: ظهر هذا المفهوم حديثا في بداية التسعينات ليعبر عن الاتجاه العالمي نحو إعادة النظر جذريا في وظائف الحكومة, وقد حددت عدة معايير أهمها[3]
1- حكومة تنافسية: حيث تكون المنافسة أساس تقديم الخدمة العمومية
2- مملوكة للمجتمع: فأفضل البرامج هي التي يمتلكها المجتمع و يستطيع الرقابة عليها.
3- أن تنطلق من رسالة, فالحكومات يجب أن تتحرك و تحيى من منطلق مهمتها ورؤيتها وليس بدافع القواعد و اللوائح البيروقراطية .
4- الالتزام بالتوجه بالأداء و النتائج, حيث ينبغي أن يعتمد بتمويل القطاع العمومي على المخرجات و ليس على المدخلات .
5- تعمل على تلبية حاجات المواطنين و تقديم الخدمة العمومية لهم حسب حاجتهم
6- النظرة التجارية في أداء الخدمة , حيث تقدم على أساس تحقيق عائد و ليس الإنفاق فقط.
7- التنبؤ و التوقع, حيث يجب العمل على الوقاية من المشكلات قبل حدوثها.
8- اللامركزية: حيث ينبغي تشجيع المشاركة و العمل الجماعي و التخلي على الترتيب الهرمي للإدارة .
9- الارتباط بمؤشرات السوق, حيث ينبغي على الحكومات أن تفكر بأسلوب مبتكر حول كيفية الاستفادة من الأسواق لتحقيق الأهداف العامة .
10- مصدر تحفيز: حيث ينبغي أن تركز على القيادة أكثر من حل المشكلة و على الحكومة أن تقرر ما تفعله و لكن ليس عليها بالضرورة أن تفعله بنفسها فتستطيع أن تحفز القطاع الخاص على المساهمة في تقديم الخدمات العمومية.
الفرع2/ مراجعة الأداء الكلي للحكومة : حيث قدمت حكومة و,م,أ تقرير للأداء الكلي للحكومة, حيث أضاف أبعاد أخرى لإصلاح القطاع العمومي أهمها[4]:
1- التخلص من أوجه الإنفاق العمومي الغير الضرورية
2- معاملة الجمهور طالبي الخدمات كعملاء يستحقون العناية و الاهتمام .
3- دعم وتدريب العاملين مقدمي الخدمات العمومية.
4- تدعيم اللامركزية.
5- نشر وتدعيم التجارب الحكومية الناجحة و الإعلام عنها, بهدف تكوين نموذج واقعي و حقيقي بدعم مصداقية الحكومة.
كما استكمل الولايات المتحدة هذا الإطار بإصداره قانون الأداء و النتائج للعمل الحكومي: و الذي يلزم الأجهزة و الهيئات الحكومية بتقديم تقرير سنوي عن مستويات الأداء التي تتوقعها.
الفرع3/ برنامج الإصلاح الحكومي: وضع أحمد صقر عاشور برنامجا مقترحا لعلاج الأجهزة و الهيئات الحكومية و رفع الأداء فيها, وضم هذا البرنامج مجموعة من الإجراءات منها:[5]:
1- إصلاح نظم العمل الحكومي و على رأسها رواتب وأجور العاملين في الحكومة إلى جانب إصلاح نظم الموارد البشرية المطبقة بما يمكن من انتقاء و اختيار الإطارات الكفأة و النزيهة.
2- تعميق و زيادة إعلان القرارات و الممارسات الحكومية و إتاحة أجهزة الإعلام لتلعب دورا في الرقابة و النقد و الكشف عن الممارسات التي تجري من قبل الأجهزة الحكومية.
3- إخضاع المؤسسات و الهيئات العمومية لمعايير تقييم تنطلق من الكفاءة و الإنتاجية و حسن استخدام الموارد, و جودة الخدمات المقدمة, و هذه المعايير تمثل أسس موضوعية للحكم على أداء المؤسسات العمومية و قيادتها, حيث أن وجودها يعمل على دفع الممارسات الحكومية إلى مسار أكثر نزاهة و أكثر التزاما بالمعايير.
4- تنمية الأدوار الرقابية التي يمكن أن تقوم بها التجمعات و الأطراف المتلقية للخدمات العمومية من جماهير المواطنين.
الفرع4/ استراتجيات التميز في الأداء العمومي
قدم كل من منى محمد هاكوز و فادي جورج قعوان ثلاثة استراتيجيات لضمان التميز في الأداء الحكومي , و الشكل التالي يوضح هذه الإستراتجيات:
الشكل رقم9: استراتيجيات التمييز في الأداء الحكومي.
استراتيجيات التمييز في القطاع العمومي
البناء المؤسسي
- هيكل تنظيمي مرن و متكامل
- نظام تقييم الأداء المؤسسي و الفردي
- تعزيز عملية اتخاذ القرار
- توثيق العمليات و الإجراءات
- استخدام تكنولوجيا المعلومات
سياسات الشراكة بين القطاع العمومي و الخاص
- رؤيا تكاملية و تكاملية
- فهم الأدوار و المشاركة
- تحفيز الاستثمار
- نقل المعرفة وتبادل المعلومات
- الثقة و المصداقية بين القطاعين
خلق ثقافة التمييز المؤسسي
- (القيم و العادات و الاتجاهات)
- إعادة صياغة العلاقة بين رب العمل و المرؤوسين
- برامج تنمية الموارد البشرية
المصدر:منى محمد هاكوزو جورج قعوان :استراتيجيات التمييز في الأداء الحكومي,المؤتمر السنوي الرابع في الإدارة سوريا.دمشق2003ص 99.
اولا/ شراكة القطاعين العمومي و الخاص : و هذا من خلال إنجاز الإجراءات التالية [6]
- التأكد من وجود رؤيا مستقبلية مشتركة و تكاملية في المجالات و القطاعات المتشابهة و تبني أهداف و اتجاهات مشتركة حيث أمكن.
- فهم الأدوار و المهام التي تعني بها كل جهة سواء القطاع العمومي أو القطاع الخاص و ذلك منعا للازدواجية و تعزيز للتكاملية و الشمولية.
- إشراك القطاع الخاص و العمومي و الاستماع لآرائهم عند صياغة القوانين و التشريعات المختلفة و قبل اتخاذ القرارات التي تؤثر على القطاع الخاص.
- إشراك القطاع الخاص في مجالس إدارة المؤسسات الحكومية و شبه الحكومية و المستقلة.
- استقطاب الكفاءات المؤهلة و المدربة على القطاع الخاص و سن التشريعات التي تدعم عملية التعيينات و تمكن المؤسسات من الاحتفاظ بهذه الكفاءات .
- تحفيز الاستثمار من قبل الخواص و تشجيع المنافسة, و الالتزام بتنفيذ السياسات الصادرة.
- تشجيع القطاع الخاص لتوفير الدعم للمؤسسات العمومية من خلال المساهمة في توفير فرص التدريب العملي و دعم تعليم طلاب الجامعات و تدريبهم من خلال توفير منح دراسية و كذلك اتجاه الفرص التدريبية لموظفي القطاع العمومي .
- نقل المعرفة و تبادل المعلومات بين القطاعين من خلال بناء شبكة علمية لهذه الغاية و فتح قنوات اتصال فعالة و مبرمجة و مشاركة القطاعين في تنظيم فعاليات مبرمجة هادفة إلى رفع مستويات الأداء.
- بناء الثقة و المصداقية في التعامل بين القطاعين من خلال تبني مبدأ الشفافية و التفاعل البناء من أجل التواصل.
- أن تتخذ المؤسسات الحكومية ثقتها بقدرتها و إمكانياتها للوصول إلى المستويات المميزة للقطاع الخاص.
- احترام رأي المواطن من خلال الأخذ بمقترحاته و آراءه كلما أمكن.
- تحول المؤسسات العمومية من القيام بالدور الرقابي أو الأبوي إلى دور المسير و الذي يعمل على تسهيل الإجراءات و العمليات التشغيلية.
ثانيا/ خلق ثقافة التمّيز المؤسسي في مؤسسات القطاع العمومي:[7] معظم المؤسسات الحكومية تدرك أهمية مواكبة التطورات و الوصول إلى المستويات التنظيمية و الإدارية و المهنية التي ارتقت إليها مؤسسات القطاع الخاص, وتسعى جاهدة للسير قدما نحو التفوق و التمييز وخلق بيئة عمل تمتاز بإيجابيات الثقافة المؤسسية التي تتمتع فيها مؤسسات القطاع الخاص, وخلق بيئة داعمة للتمييز تحتاج إلى سنوات طويلة و تحتاج إلى دراسة سلوكيات الجماعات و الأفراد في المؤسسة, وتعتمد عملية خلق هذه البيئة على عدة مرتكزات منها:
أ- وجود قيم وعادات واتجاهات مؤسسية في كل مؤسسة حيث يجب أن تتناسب هذه القيم و تنبثق من صميم الأهداف التي تسعى لتحقيقها و الغايات التي أنشئت من أجلها, و لتحقيق ذلك يجب على المؤسسة أن تتبنى رؤية مستقبلية[8] توضح المكان أو الغاية التي ستصل إليها المؤسسة بعد عدة سنوات تتراوح بين ثلاثة إلى عشر سنوات, و التعريف بمهمة المؤسسة و الغاية من إنشائها و التعريف بالخدمات التي تقدمها و تحديد فلسفة المؤسسة و منهجيتها فيما يما يتعلق بالتسعير وكيفية تقديم الخدمات , كما يجب توضيح الأهداف المنبثقة من رسالة المؤسسة.
ومن القيم التي يجب غرسها في ذهن العامل في القطاع العمومي هي ثلاثة مبادئ [9] اللامركزية و التشاور و الشفافية , ويعتبر انفتاح القطاع العمومي على العالم الخارجي من أهم نتائج تبني مبدأ الشفافية, وتعتمد الشفافية على قدرة المؤسسة على توفير المعلومات و البيانات الصحيحة و الدقيقة للجهات المعنية كافة سواء كانت حكومية أو غيرها في الأوقات المناسبة و بمصداقية عالية.
وهناك الكثير من القيم يجب أن تتوفر في القطاع الحكومي لأن لها تأثير كبير على أداء الخدمة العمومية, منها إعطاء أهمية للوقت, فمن الأهمية بمكان أن يعي العاملين في القطاع العمومي أن هناك تسارع هائل في الاكتشافات و تطور أساليب العمل و الإدارة, كما يجب التركيز على تحقيق النتائج خاصة في القطاع العمومي الذي يمتاز العاملون فيه بالسير في الإجراءات الروتينية و تنفيذها بحذافيرها مما يؤدي إلى عدم إمكانية تحقيق النتائج بأسلوب يتسم بالإبداع و التطور و التجديد بعيدا عن الروتينية و الجمود.
ب- من المرتكزات الأساسية لخلق بيئة داعمة للتميّز في القطاع العمومي هو إعادة صياغة العلاقة بين الحكومة و العاملين في أجهزتها و هيئاتها المختلفة, حيث كان في السابق المسار الوظيفي للموظف واضحا و يتصف بالثبات مهما كان مستوى أداء الموظف, ولكن في ظل التغيرات التي طرأت و تقلص فرص العمل زاد التنافس على الوظائف المتاحة و أصبح معظم العاملين يتسابقون في إبراز مهاراتهم و قدراتهم على تحسين الأداء و التطوير مما استوجب إعادة صياغة هذه العلاقة بين الحكومة و العاملين في أجهزتها من خلال ربط الرواتب المستحقة بمستوى الأداء و بمتطلبات جديدة تتضمن تمتع المرشح لشغل الوظيفة , سواء من خلال التعيين و الترقية بالمهارات و القدرات و المؤهلات التي تتطلبها الوظيفة, فلا مجال لوظيفة دائمة طيلة حياة الموظف, و الأسلوب الذي يلجأ إليه الموظف حتى يحتفظ بوظيفته هو من خلال تطوير مهاراته و معرفته بطبيعة العمل الذي يقوم به و التعلم بشكل مستمر.
3- البناء المؤسسي: للوصول إلى مرحلة التميز في الأداء لدى القطاع العمومي و تحقيق أفضل النتائج لابد من إعادة هيكلة المؤسسات من حيث:
- ضمان وجود هيكل تنظيمي يتضمن وحدات إدارية متكاملة ومتناسقة قادرة على تحقيق الأهداف الإستراتيجية للمؤسسة و تتسم بالمرونة الكافية لذلك و التوجه العالمي حاليا نحو تقليل المستويات الإدارية ما أمكن, فمن الأهمية بمكان أن تكون قنوات الاتصال واضحة وفعالة و أن لا تقتصر على قنوات الاتصال العمودية فقط و الابتعاد عن زيادة الوحدات الإدارية دون وجود مبررات موضوعية لذلك.
- وجود أدوات قياس و تقييم فعالة, حيث أن النظم التقليدية في إعداد الموازنات لم تعد كافية لتزويد متخذي القرارات في المؤسسات المختلفة بالبيانات و المعلومات اللازمة للحكم على كفاءة استخدام الموارد المادية و البشرية المتاحة في تلك المؤسسة في تحقيق أهدافها المختلفة[10] . ومن أدوات قياس الأداء المؤسسي الحديثة ما يسمى "balane scored card" التي تقيس مدى تحقيق أهداف المؤسسة من خلال تنفيذ المهام و الأنشطة الفرعية المنبثقة من الأهداف الإستراتيجية العامة الخاصة بالمؤسسة.
- منح المدراء مجالا أوسع و حرية أكبر في مجال اتخاذ القرارات و تعزيز صلاحياتهم مع تزامن ذلك بوجود مساءلة تماثل مستوى الصلاحية.
- تعزيز وتشجيع مبدأ نقل المعرفة و تبادل المعلومات من خلال فعاليات وأنشطة مبرمجة و مخطط لها.
- استخدام تكنولوجيا المعلومات في العمل كاستخدام الانترنت و الحكومة الإلكترونية و برامج التعليم عن بعد .
- إجراء دراسات المقارنة مع مؤسسات القطاع الخاص ومع مؤسسات القطاع العام الناجحة سواء في نفس الدولة أو الدول المتقدمة للاستفادة من تجاربها و تبني أساليبها الناجحة بعد مواءمتها مع بيئة عمل المؤسسة.
إضافة إلى كل ما سبق من استراتيجيات لرفع أداء القطاع العمومي هناك أنظمة إدارية تدعم قيام فكر استراتيجي في القطاع العمومي يجب مراعاة تواجدها في كل هيئة أو جهاز أو مؤسسة عمومية, هذه الأنظمة تسمى الأنظمة الإدارية الداعمة للإستراتيجية .